عَبَرَ النُّفُوسَ مُسَافِراً بَيْنَ الْوَرَى*****وَتَمَايَلَتْ أوْزَانُهُ وَتَبَختَرَ
وَبِهِ اقْتَحَمْتُ لَظَى الْمَعَارِكِ والوغى*****فَاسْتَلَّ فِيْهَا قَوْلَهُ الْمُتَفَجِرَ
يَأْتِيكَ فِي غَزَلِ الأحِبَةِ هَائِمَاً*****وبركبِ أهْوَالِ الصَّبَابَةِ ثَائرَا
الشِّعْرُ مَمْلَكَةُ الشُّعُورِ وتَاجُهَا*****ومُرَوْضُ الأوزَانِ يشبه ساحرا
أسَرَتْ بِهِ لَحْظَ الْعُيونِ قَرِيحَتِي*****وَنَهَلْتُ أوْلَهُ ونِلْتُ الآخِرَ
فَصَحِبْتُهُ نَحْوَ الأمُومَةِ يَرْتَوِي*****مِنْ نَبْعِهَا وَيَفِيْضُ قَوْلاً مُثْمِرَا
أرْجُو الْقَصِيدَ مُزَيَنَاً ، مُتَسَرْبِلاً*****حُلَلَ المدَائِح ، والبَيَانَ مُعَطَرَا
يَصِفُ الْشُّعُورَ الْغَضَ بَيْنَ جَوَانِحِي*****وَيَسِيْلُ مِنْ بَعْضِ الْوَفَاءِ تَقَطَرَ
يَرْوِيْ عَن الأمِ الحَبِيبَةِ فَضْلَهَا*****وَيَطِيرُ تَحْتَ سَمَائِهَا مُسْتَمْطِرَا
أوَت الطُّفُولَةَ حَبَّةً مَغْرُوسَةً*****مَا أطْيَبَ الأرض النبيلة والثرى
"وَهْنَاً عَلَىَ وَهْنٍ" ويأخذ قلبَها*****شوقٌ الى وجه الوليدِ تجبَّرَ
وَإِذَا أتى هذا الحبيبُ تَهَلََّلَتْ*****وَلَظَىَ المْوَاجِع قَدْ خَبَا وَتَبَخَرَ
تؤوي وتَرْعَىَ والمتاعبُ جمةٌ*****عَامَيْن تَسْقِي والسَخَاءُ تَحَدَرَ
كالْغَيْثِ يَأتِي الأرْضَ بَعْدَ حَنِينِهَا*****يعْطِي ثَرَاهَا سَلْسَبِيلاً وَافِرَا
ويقولُ أنَّ نَمِيْرَهَا مَنَحَ الْفَلاَ*****وَجْهَ الْحَدَائِقَ والْقَبَائِلَ والْقُرَى
لتُحِيلَ أرْجَاءَ الطُّفُولَةِ أيْكَةً*****وأرِيكَةً هَزْازَةً وأزَاهِرَا
وَتَقِيهِ مِنْ بِرْدِ الشِّتَاءِ وَعَصْفِهِ*****وَالْحَرّ تبعده فيهرب نافرا
صِفْ لِي حََنَانَاً دافئا رَطْبَاً. بِه*****ظِلُ النَعِيمِ أتَى الحَيَاةَ وَبَشَرَ
وَكَأنَّهَا بيد الْرَبِيعِ وَصَحْوِهِ*****صَنَعَتْ فُصُولاً مِنْ حَرِيرٍ لايرى
وحِكَايَةُ الأمِ الْمُثِيرَةُ دَائِمَاً*****تُمْسِي بِجَفْنِي كَأسَ نَوْمٍ مُسْكِرَا
نبه قصائدك الفصيحة انها*****كَمْ مِنْ لَيَالٍّ فَارَقَتْ دِفْءَ الْكَرَىَ
ودموعها هتانة إن شاهدت *****ألما أحاط بمهجتي وتجبر
فتظل باكية تؤرق جفنها*****حتى أصح ومن همومي أطهر
سبقت طيور الصبح تنهض عندما*****شهدت مع الأسحار فجرا كبر
ودعاؤها قصد السماء كأنه*****بقوائم المعراج فوقي قد سرى
تدعو بكل لحيظة أن أرتقي*****فوق السحاب وأن أكون مظفرا
فيسيلُ من قمم السعادة نهرها *****من جنة الفردوس يبدو قد جرى
معطاءة ، بحر المحبة حضنها*****مِنْ جودها سهل الْمَوَدْةِ والذُّرَا
وعَلَىَ ضفاف حنانها قد أينعت*****أزْهَارُ عَطْفٍ أم سخاء أمطر
واغْزِلْ كَلامَكَ فِي ثِيَابِ قَصَائِدِي*****وارْفَعْ بَيَانَكَ فِي الْمَحَافِل مبهرا
فلكم ظللت بمدح أمي جاهلا*****سبل البيان ودرها المتناثر
تاهت قوافيّ وشعري مَا أتَى*****فِي مَدْحِ أُمِّي بَاطِنَاً أوْ ظَاهِرَا
أنى لمدحي وصفٌهُ لعواطفٍ*****مَغْرُوسَةً فِي الأرْضِ تَقْتَحِمُ الذُرَا؟
هَلْ أثْقَلَتْهُ خُطَا اليَرَاعِ وأدْبَرَتْ*****بَيْنَ البَيَانِ تَصِيحُ أنْ لَنْ تَقْدِر؟َ
فَأرِحْ قَصَائِدَكَ الْتَي أنْهَكْتَهَا*****وَدَأبْتَ مُنْطَلِقَاً تَجُوبُ الأسْطُرَ
لو أن أنهار الحياة مدادها*****مَا أنْجَزَتْ وَصْفَ الْعَطَاءِ وَمَا جَرَى
وانْهَضْ إلَى كَفِ الْحَنَانِ مُقَبِّلاً*****قَدَمَ العَطَاءِ وَكُنْ وَفَاءَاً زَاخِرَا
الأمُ فِرْدَوْسُ الحيَاةِ وَظِلُّهَا*****وَحَنَانُهَا مِنْ نَهْرِ حُبٍّ قَدْ جَرَى
فالجَنْةُ الغَرَّاءُ تَحْتَ نِعَالِهَا*****أقْبِلْ إلَيْهَا لاثِمَاً وَجْهَ الثَرَى
وَمُحَمَّد هَذَاَ الحَبِيبُ المصْطَفَى*****قَدْ قَالَ"أمك" ثُمَّ قَالَ وَكَرَرَ
واضرع الى الرَّحْمَنَ يَمْنَحُكَ الرِّضَا*****فِي قَلْبِهَا "يا ليت شعري" هل أرى؟
لَتَنَالَ فِرْدَوْسَ الجِنَانِ وَعَدْنَهَا*****وَتَعِيشَ فِي دَارِ المقَامَةِ قيصراَ