العَقِيقَةُ مُستَحَبَّةٌ وهيَ سُنّةٌ مُؤكَّدَةٌ وهيَ الذّبِيحَةُ عنِ المَولُودِ يَومَ سَابعِهِ، وهيَ اسمٌ لِمَا يُذبَحُ يَومَ حَلْقِ رَأسِ المَولُودِ، وأَصْلُهَا لُغَةً الشَّعّرُ الذي يكونُ على رَأسِ المَولُودِ. ثم سمَّتِ العَرَبُ مَا يُذبَحُ عن الصّبِيّ يومَ السّابِع عندَ حَلْقِ ذَلكَ الشّعَرِ عَقِيقَةً لأنّهُم يُسَمُّونَ الشّىءَ باسْمِ سَبَبِهِ أو ما جَاوَرَهُ والمستَحَبُّ لمن وُلِدَ لهُ وَلدٌ أن يَحْلِقَ رأسَهُ يومَ السّابعِ لأنّه صلى الله عليه وسلم أمَرَ فَاطِمَةَ لمّا وَلَدتِ الحسَنَ والحسَينَ أنْ تَحلِقَ شُعُورَهُما وأنْ تَتصَدّقَ بزِنَتِه فِضّةً ففعَلَتْ ذَلكَ. رواهُ الشّافِعيّ
وسوَاءٌ في ذلكَ الذّكَرُ والأُنثَى فإنْ كانَ غُلامًا ذَبَحَ عنهُ شَاتَينِ وإنْ كانَت جَارِيةً ذَبَحَ عَنها شَاةً بصِفَةِ الأُضْحِيَةِ. قال صلى الله عليه وسلم [عنِ الغُلامِ شَاتَانِ وعن الجارِيةِ شَاة]. رواهُ الأَربَعةُ وصَحّحَهُ ابنُ حِبّانَ والحاكمُ. ورَوى الأربَعةُ حَديثَ [كُلُّ غُلامٍ مُرْتَهَنٌ بعَقِيقَتِهِ يُذْبَح عنه يومَ السّابعِ ويُحلَقُ رَأسُه ويُسمَّى]. والمستَحَبُّ أنْ يَكُونَ الحَلْقُ بعدَ الذّبحِ كَما جَزَم به في المهَذّبِ ورَجّحَهُ النّوويُّ
ويُستَحَبُّ نَزْعُ اللّحْمِ مِنْ غَيرِ أن يَكسِرَ العَظْمَ تَفاؤلا بِسَلامَةِ أعْضَاءِ المولُودِ. ورَوى البيهقيّ عن عائشةَ قالت [السُّنَّةُ شَاتانِ مُكافِئتانِ عن الغُلام وعن الجاريةِ شَاةٌ]. قال أبو داودَ ورُوي [شَاتانِ مِثْلانِ] قال وهو أصَحُّ ومُكافِئتَانِ عِبَارةٌ عن قَولِهِ مِثْلانِ. ولا يُجزِئُ إلا الجَذَعَةُ مِنَ الضّأنِ أو الثّنِيّةُ منَ الإبلِ والبَقَرِ والمـَعْزِ سَلِيْمَةً منَ العُيُوبِ، ويُستَحَبُّ أنْ يقولَ عندَ الذّبحِ باسمِ اللهِ اللهُمّ مِنكَ وإليكَ، عَقِيقَةُ فُلانٍ، لِمَا رَوتْ عَائشَةُ أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أَمرَهُمْ بذَلكَ. ولأنّ الإطعام على النّكاح سنةٌ والوَلدُ مقصودٌ بهِ والفَرحُ به أشَدّ فكَان أَوْلَى باستحبابِ الإطعام له. ويُطبخُ ولا يُكسَر عَظْمُه، ويَأكُلُ ويُطعِم ويتَصَدّقُ وذلكَ يوم السّابع فلو كُسِر لم يُكرَه على الأصَحّ لأنّها طِيَرةٌ وقَد نُهِيَ عنها. ويُفَرِّق على الفقراء بعدَ طَبخِه بحُلْوٍ كالزّبيبِ تَفاؤلا بحلاوَةِ أخْلاقِه ويَبعَثُ به إليهم ولا يتَّخِذُ دَعْوةً أي لا يَدعُو الناسَ إليه.
قال الشيخُ أبو إسحاق ويُستَحبّ أن يأكلَ مِن لحمها ويُهدِي ويتَصدّق لحديث عائشة رضي اللهُ عنها، والسُّنّةُ أن يكونَ ذلكَ يومَ السّابعِ لما روتْ عائشةُ أنّ النبي صلى الله عليه وسلم عَقّ عن الحسنِ والحُسَينِ يومَ السّابع وسمّاهُما وأَمرَ أن يُمَاطَ الأذَى عن رؤوسِهِمَا. رواه الحاكم والبيهقي. فإنْ قَدَّمَهُ على ذلكَ أو أخَّرَهُ جَازَ لأنّه وُجِدَ بَعدَ سَببِه، ويُستَحَبُّ أن يحلِقَ رأسَه يومَ السّابعِ لحديثِ عائشةَ، ويُستَحبُّ أن يتصَدّقَ بزِنَةِ شَعَرِهِ ذَهَبًا أو وَرِقًا، ويُستَحَبُّ أنْ يُلَطَّخ رأسُه بالزَّعفَران ويُكرَهُ أن يُلطّخَ رأسُه بدَمِ العَقيقةِ . وقال السّيوطي [وذكَرَ الأصحابُ أنّ حُكمَ العقيقةِ في الأكلِ وجُوبُه بالبَعْضِ واستِحْبابُه بالثُّلُثِ واستحبَابُ إهداءِ الثُّلثِ إلى الأغنياء كحُكمِ الأُضْحِيةِ فيُحمَلُ كلامُ المصَنّفِ أي صاحبِ التّنبيهِ عليه].
وفي فَتحِ البارئ لابنِ حَجرٍ ما نصُّه واختُلِفَ في معنى قولِه مُرتهَنٌ بعَقِيقَتِه، قال الخَطّابيّ [اختَلفَ النّاسُ في هذا وأَجْوَدُ ما قيلَ فيه ما ذهبَ إليه أحمدُ بنُ حنبلٍ قالَ هَذا في الشّفَاعَةِ، يُريدُ أنّه إذا لم يُعَقَّ عنهُ فمَاتَ طِفْلا لم يَشْفَع في أبَويْهِ، والذي نُقِلَ عن أحمدَ قالَه عطاءٌ الخُراسَانيّ أسنَده عنه البيهقيّ]. ونقَلَ الرّافِعيُّ أنه يَدخُلُ وَقْتُها بالوِلادَةِ، قال وذِكْرُ السّابعِ في الخَبرِ بمعنى أنْ لا تؤخّرَ عن البلُوغِ فإنْ أُخّرَت عن البلُوغِ سقَطَت عمّن كان يُريدُ أنْ يَعُقّ عنه، لكنْ إنْ أرادَ أن يَعُقّ عن نفسِه فَعَلَ.
وأخرجَ ابنُ أبي شيبةَ عن محمدِ بنِ سِيرينَ قال [لو أَعْلَمُ أني لم يُعَقَّ عَني لَعَقَقتُ عن نفسِي]. واختارَه القَفّالُ. ونَقل عن نصّ الشافعيِ في البُوَيطيّ [أنه لا يُعَقُّ عن كبيرٍ]. ويُستَحَبُّ أنْ يُحَنَّكَ المولودُ بشىءٍ حُلْوٍ لما رُوِيَ أن النبي صلى الله عليه وسلم كانَ يُحَنّكُ أولادَ الأنصَارِ بالتّمرِ. رواه البخاري ومسلم.
ويُستَحَبُّ أن يُهنَّأ الوالدُ بالولَدِ، ويُستَحَبُّ أنْ يؤذَّنَ في أذُنِ المولودِ لما رُويَ أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أذّن في أُذُنِ الحسَنِ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ رضيَ الله عنها كالأذانِ في الصّلاةِ. رواه أبو داود وغيره. وروي عن عمر ابنِ عبدِ العزيز أنّه كانَ إذا وُلِدَ لهُ مَولَودٌ أخَذَه في خِرقَةٍ ثم أذّنَ في أُذُنِه اليُمنى وأقامَ في أُذنِه اليُسرَى وسمّاه.
قالَ الطّبَريُّ ويُستَحَبُّ أن يقرأ في أُذنِه: وإني أُعِيذُهَا بك وذرِّيتَها منَ الشيطانِ الرّجيم. ويُستَحَبُّ أن يُسَمّيَ بعَبدِ الله وعبدِ الرّحمن لقَولِه صلى الله عليه وسلم [أَحَبُّ الأسماءِ إلى اللهِ عبدُ الله وعبدُ الرّحمن]. رواه مسلم وغيره فإنْ سَمّاه باسْمٍ قَبِيحٍ غَيّر ذلكَ الاسمَ لما رُويَ أنّ النبي صلى الله عليه وسلم غيّر اسمَ عاصية وقال أنتِ جميلة. رواه البخاري في الأدب المفرد ومسلم